تعتبر هواية الحكم على الآخرين من الهوايات التي يتميز بها بني البشر في كوكب الأرض. حيث أنها تعتبر من أكثر الهوايات انتشارا بينهم، دون أن تحصر هذه الهواية ديانة أو عرق أو جنسية أو بعد جغرافي. وتتميز هذه الهواية عن غيرها من الهوايات بعدم حاجتها إلى أي رأس مال أو تكاليف لاستخدامها، كما أنها مناسبة لجميع الأعمار سواء كان من يزاولها رجل أو امرأة.
رغم انتشارها الشديد، إلا أنه لوحظ تقبيح بعض بني البشر هذه الهواية والدعوة إلى تركها؛ معللين ذلك بتأثيرها السلبي على المجتمعات ونشر روح الكراهية والبغضاء. بالإضافة إلى كونها أحد الأسباب الرئيسية في إحداث شروخ عميقة في الأسر والمجتمعات. خصوصا عندما تشتخدم من قبل أفراد غير مختصين أو غير واعين، حيث أنهم يحكمون على من أخطأ في أمر ما على أنه مذنب يستحق أشد درجات التوبيخ والعقاب، دون الرجوع إلى المسببات وطبيعة الخطأ الذي تم اقترافه، أو حتى التأكد من أن هذا الشخص قد تعمد في خلق عواقب خطئه.
المشكلة الأكبر تكمن عندما ينشر هذا “القاضي” حكمه بين الناس ليحصل على داعمين لحكمه. ويتفاقم الأمر حتى تجد قضاة آخرين يحكمون على ذلك المخطئ بأحكام أشد صرامة من الأول. وينتهي المطاف إلى نبذ ذلك المخطئ على صعيد عام، أو خاص مثل الأسرة أو الصف الدراسي… الخ.
ولهذه الأسباب، يدعو “المتعقلون” إلى كل من لا يستطيع ترك هذه الهواية إلى تطويرها لتكون أقل ضررا، وذلك من خلال البحث عن المزيد من الأسباب، والتريث حتى تتبين الحقائق قبل إصدار الحكم، وفي أسوأ الحالات عدم نشر ما حكم عليه حتى تهدأ ردود الفعل من جميع الأطراف. أما إذا كان الموقف يتوجب تدخله كقاض: كما هو الحال لولي الأمر في الأسرة، والمدير في العمل، فعليه اتباع الحكمة والحلم في الحكم قبل اتخاذ اللازم، واستشارة أهل الاختصاص عند الحاجة؛ ليكون حكمه على بينة وعلى حجة يحاجج بها يوم القيامة إذا سئل عن ما حكم به.